الانظمة العربية واحزاب حفرت قبرها بنفسها

معز محي الدين ابو الجدايل |

بالاطلاع على شعارات الاحزاب في البلدان العربية نجد ان الغالبية العظمى منها تتبنى هذه المقولة لكارل ماركس (الرأسمالية تحفر قبرها بنفسها) ، برغم ذلك وبالمقارنة مع واقعنا المعاصر نستذكر تلك الاية القرآنية ، قال الله تعالى بوصفه اهل الكتاب (كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الّذِينَ كَذّبُواْ بِآيَاتِ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ)
كان ماركس قد اعتقد ان جوهر النهج للرأسمالية سيكون مشابها للنظام الاقطاعي لذا فلن يكن بمقدوها (اي الراسمالية) استيعاب التطورات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لبلدانها وبالتالي لا تلبي متطلبات المجتمع وتحفر قبرها بنفسها. بالمقارنة العملية مع الواقع للبلداننا ،نجد ان كل الانظمة العربية واحزاب تابعة لها، لم تستطع قراءة الواقع الحالي من تغييرات والتطور الحاصل للمجتمعات البشرية وتطلعات ابناء جلدتهم للحاق بعصرهم ، اي انها قد حفرت قبرها بنفسها. وهذا واضح لنا جميعا عدا قادتنا العظام واذنابهم ، قدموا مسرحيات هزلية (خطابات وتصريحات) تضحك لها جميع ابناء الشعوب وتبكيهم ايضا على تلك السنوات التي ضاعت هدرا، وليس بغريبا ايضا ان نقف عند هذا الجزء من الاية الكريمة (وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ) كلنا يعرف ان انظمتنا ظالمة مارست اشنع الجرائم ضد شعوبها.
ان حركة التغيير التي يقودها شباب العصر، وتساعدهم التكنولوجيا الحالية ، والدعم المعنوي من شعوب ومؤسسات وحكومات الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبي، وتحدد باحسن حالاته في ليبيا، اضظرت الى التدخل المباشر لحماية الشعب من الامبريالية القذافية واخوانها الرجعية، رغم ذلك مازال البقية الباقية من احزاب وشخصيات تردد الشعارات، التي لم تنفع شعوبنا شيئا ، الا الفقر و لصق تهمة الارهاب العالمي بابناء شعبنا ودينه. ولو تساءل احدنا لماذا هم بهذا الغباء مع العلم انهم استطاعوا ان يتحكموا بالخلق والعباد وثروات البلاد لعقود وعقود ؟
بلمحة تاريخية سريعة ، وبالتحديد منذ منتصف القرن الماضي عندما جاء الرئيس جمال عبد الناصر ليرفع شعارات تتناسب مع متطلعات شعوبنا ، والان بعد تلك العقود نستطيع ان نقول بسبب ديكتاتوريته فشل وجرت الرياح بما لا تشتهي السفن، وجاء التاريخ ليسجل انظمة وورثت عنه هذا النهج الكثير من التنظيمات والاحزاب التي سيطرت على سدة الحكم ونهجت هذا النهج، ولا بد من استعراض العوامل التي ساعدت على استمرار هذا النهج منها :
العامل الدولي (الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي ) لقد كان له دور كبير في بقاء هذا او ذاك النظام، رغم انه كانت قد قامت حركات لتخلص من هذا النهج ولقيت قمعا وحشيا، لم يسجله التاريخ بعد، لان انظمتنا استطاعت وببراعة الاستفادة من الصراع القائم بين القطبين، لكنه ظل في ذاكرة ابناء الشعوب ، ومع انهيار الاتحاد السوفيتي كانت قد حصلت ردود فعل لم يتحدث عنها احد ايضا!!!،خسرت هذه الاحزاب المساندة للسطلة القائمة القاعدة الشعبية لها مثال (الاحزاب الشيوعية) ، واما الاحزاب التي سيطرة على سدة الحكم لها ميزات مختلفة فهي تسيطر على ارزاق الناس واجهزة الدولة (البعث مثلا، رغم انه يعتبر نفسه علمانيا ) قام على التقرب من التيارات الدينية والانخراط بها، وهذا ما يفسر لنا انتقال الكثير من العلمانيين الى احزاب دينية، وما كشفته ظهور بعض الوثائق في مصر بعد ان حاولوا حرقها، وهنا سؤال سنخصصه لمقالة اخرى ماهي العلاقة بين انظمتنا العربية والقاعدة ؟ )
العامل الاجتماعي : قال علي بن ابي طالب كرم الله وجهه: اطلبوا الخير من بطون شيعت ثم جاعت لان الخير فيها باق ولاتطلبوا الخير من بطون جاعت ثم شبعت لان الشح فيها باق. من هنا لا يخفى على احد منا ان زعماء اغلب البلدان العربية ذات النظام الجمهوري من اي الطبقات جاؤوا !؟ وليس مثل الانظمة الملكية (مثال دول الخليج بشكل عام تعيش حالة رفاهية اقتصادية .
العامل النفسي : هذا العامل بحد ذاته بحاجة الى دراسة مطولة ولكن من خلال ردات الفعل وتصريحات هذا او ذاك الزعيم لا بد لنا من تذكر هذا المثل العربي يقول (كتر المرعى يعمي قلب الدابة) رغم بساطة هذا المثل الا انه يحمل في طياته الكثير من المعادلات العلمية التي تنطبق على انظمتنا وخاصة حكامها.
وبالنهاية لابد من التوجه الى الاحزاب العربية التي لم توسخ يدها بدم ابناءها ، اقرأوا التاريخ ، الرأسمالية والامبريالية التي تحاربونها في بلدانكم
Lämna ett svar